admin Admin
عدد المساهمات : 455 نقاط : 1318 تاريخ التسجيل : 03/02/2012
| موضوع: نُزُولُ أَبِي طَالِبٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُحَيْرَى وقصة الراهب الأربعاء فبراير 29, 2012 9:24 am | |
| قِصَّةُ بَحِيرَى [ نُزُولُ أَبِي طَالِبٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُحَيْرَى ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمَّ إنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ فِي رَكْبٍ تَاجِرًا إلَى الشَّامِ ، فَلَمَّا تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ ، وَأَجْمَعَ الْمَسِيرَ صَبَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - فَرَقَّ لَهُ ( أَبُو طَالِبٍ ) وَقَالَ : وَاَللَّهِ لَأَخْرُجَنَّ بِهِ مَعِي ، وَلَا يُفَارِقُنِي ، وَلَا أُفَارِقُهُ أَبَدًا ، أَوْ كَمَا قَالَ . فَخَرَجَ بِهِ مَعَهُ فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ ، وَبِهِمَا رَاهِبٌ يُقَالُ لَهُ بَحِيرَى فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ ، وَكَانَ إلَيْهِ عِلْمُ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ وَلَمْ يَزَلْ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ مُنْذُ قَطُّ رَاهِبٌ ، إلَيْهِ يَصِيرُ عِلْمُهُمْ عَنْ كِتَابٍ فِيهَا فِيمَا يَزْعُمُونَ ، يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ . فَلَمَّا نَزَلُوا ذَلِكَ الْعَامَ بِبَحِيرَى وَكَانُوا كَثِيرًا مَا يَمُرُّونَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ . فَلَمَّا نَزَلُوا بِهِ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَتِهِ صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا كَثِيرًا ، وَذَلِكَ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ وَهُوَ فِي صَوْمَعَتِهِ ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فِي الرَّكْبِ حِينَ أَقْبَلُوا ، وَغَمَامَةٌ تُظِلُّهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ . قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلُوا فَنَزَلُوا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْهُ . فَنَظَرَ إلَى الْغَمَامَةِ حَيْنَ أَظَلَّتْ الشَّجَرَةُ ، وَتَهَصَّرَتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا . فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ بَحِيرَى نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إنِّي قَدْ صَنَعْتُ لَكُمْ طَعَامًا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَحْضُرُوا كُلُّكُمْ ، صَغِيرُكُمْ وَكَبِيرُكُمْ ، وَعَبْدُكُمْ وَحُرُّكُمْ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ : وَاَللَّهِ يَا بَحِيرَى إنَّ لَكَ لَشَأْنًا الْيَوْمَ ، فَمَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا بِنَا ، وَقَدْ كُنَّا نَمُرُّ بِكَ كَثِيرًا ، فَمَا شَأْنُكَ الْيَوْمَ ؟ قَالَ لَهُ بَحِيرَى : صَدَقْتَ ، قَدْ كَانَ مَا تَقُولُ ، وَلَكِنَّكُمْ ضَيْفٌ ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُكْرِمَكُمْ وَأَصْنَعَ لَكُمْ طَعَامًا فَتَأْكُلُوا مِنْهُ كُلُّكُمْ . فَاجْتَمِعُوا إلَيْهِ ، وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ ، لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ ، فِي رِحَالِ الْقَوْمِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ . فَلَمَّا نَظَرَ بَحِيرَى فِي الْقَوْمِ لَمْ يَرَ الصِّفَةَ الَّتِي يَعْرِفُ وَيَجِدُ عِنْدَهُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، لَا يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ طَعَامِي ؛ قَالُوا لَهُ : يَا بَحِيرَى ، مَا تَخَلَّفَ عَنْكَ أَحَدٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَكَ إلَّا غُلَامٌ ، وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا ، فَتَخَلَّفَ فِي رِحَالِهِمْ ؛ فَقَالَ : لَا تَفْعَلُوا ، اُدْعُوهُ فَلِيَحْضُرْ هَذَا الطَّعَامَ مَعَكُمْ . قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَ الْقَوْمِ ؛ وَاَللَّاتِ وَالْعُزَّى ، إنْ كَانَ لَلُؤْمٌ بِنَا أَنْ يَتَخَلَّفَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ طَعَامٍ مِنْ بَيْنَنَا ، ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ فَاحْتَضَنَهُ وَأَجْلَسَهُ مَعَ الْقَوْمِ . فَلَمَّا رَآهُ بَحِيرَى جَعَلَ يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا وَيَنْظُرُ إلَى أَشْيَاءَ مِنْ جَسَدِهِ ، قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ ، حَتَّى إذَا فَرَغَ الْقَوْمُ مِنْ طَعَامِهِمْ وَتَفَرَّقُوا ، قَامَ إلَيْهِ بَحِيرَى ، فَقَالَ ( لَهُ ) : يَا غُلَامُ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اللَّاتِ وَالْعُزَّى إلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؛ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ بَحِيرَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ سَمِعَ قَوْمَهُ يَحْلِفُونَ بِهِمَا . فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَهُ ) : لَا تَسْأَلْنِي بِاَللَّاتِ وَالْعُزَّى ، فَوَاَللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا قَطُّ بُغْضَهُمَا ، فَقَالَ لَهُ بَحِيرَى : فَبِاَللَّهِ إلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؛ فَقَالَ لَهُ : سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ . فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ فِي نَوْمِهِ وَهَيْئَتِهِ وَأُمُورِهِ ؛ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ ، فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا عِنْدَ بَحِيرَى مِنْ صِفَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ إلَى ظَهْرِهِ ، فَرَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَى مَوْضِعِهِ مِنْ صِفَتِهِ الَّتِي عِنْدَهُ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ مِثْلَ أَثَرِ الْمِحْجَمِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمَّا فَرَغَ ، أَقْبَلَ عَلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ : مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ ؟ قَالَ : ابْنِي . قَالَ لَهُ بَحِيرَى : مَا هُوَ بِابْنِكَ ، وَمَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْغُلَامِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا ؛ قَالَ : فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي ؛ قَالَ : فَمَا فَعَلَ أَبُوهُ ؟ قَالَ : مَاتَ وَأُمُّهُ حُبْلَى بِهِ ؛ قَالَ : صَدَقْتَ ، فَارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إلَى بَلَدِهِ ، وَاحْذَرْ عَلَيْهِ يَهُودَ ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُ لَيَبْغُنَّهُ شَرًّا ، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ ، فَأَسْرِعْ بِهِ إلَى بِلَادِهِ . | |
|