قمر
عدد المساهمات : 101 نقاط : 283 تاريخ التسجيل : 28/02/2012 العمر : 29
| موضوع: تفسير سورة البينة السبت مارس 17, 2012 1:58 pm | |
| سورة البينة
مقدمة
عن أنس بن مالك قال؛ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأُبيّ بن كعب: (إن اللّه أمرني أن
أقرأ عليك: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب}) قال: وسماني لك؟ قال: (نعم)، فبكى
"رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي".
بسم اللّه الرحمن الرحيم.
الاية رقم (1 : 5)
{ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة . رسول من الله
يتلو صحفا مطهرة . فيها كتب قيمة . وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة
. وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين
القيمة }
أما أهل الكتاب فهم اليهود والنصارى، والمشركون عبدة الأوثان والنيران من العرب ومن العجم،
قال مجاهد: لم يكونوا {منفكين} يعني منتهين حتى يتبين لهم الحق {حتى تأتيهم البينة} أي
هذا القرآن، ولهذا قال تعالى: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى
تأتيهم البينة} ثم فسر البينة بقوله:{رسول من اللّه يتلو صحفاً مطهرة} يعني محمداً صلى اللّه
عليه وسلم وما يتلوه من القرآن العظيم الذي هو مكتتب في الملأ الأعلى في صحف مطهرة،
كقوله تعالى:
{في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة}، وقوله تعالى: {فيها
كتب قيمة} قال ابن جرير: أي في الصحف المطهرة كتب من اللّه قيمة عادلة مستقيمة، ليس
فيها خطأ لأنها من عند اللّه عزَّ وجلَّ، وقال قتادة {رسول من اللّه يتلو صحفاً مطهرة} يذكر
القرآن بأحسن الذكر، ويثني عليه بأحسن الثناء، وقال ابن زيد: {فيها كتب قيمة} مستقيمة
معتدلة، وقوله تعالى: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} كقوله
تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب
عظيم}، يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا، بعد ما أقام اللّه عليهم الحجج والبينات
تفرقوا، واختلفوا في الذي أراده اللّه من كتبهم، واختلفوا اختلافاً كبيراً، كما جاء في الحديث
المروي من طرق: (إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن النصارى اختلفوا على
اثنين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)،
قالوا: من هم يا رسول اللّه؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي)، وقوله تعالى: {وما أمروا إلا
ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين} كقوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا
إله إلا أنا فاعبدونِ}، ولهذا قال: {حنفاء} أي متحنفين من الشرك إلى التوحيد، كقوله: {ولقد
بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت}، وقد تقدم تقرير الحنيف في سورة
الأنعام بما أغنى عن إعادته هاهنا، {ويقيموا الصلاة} وهي أشرف عبادات البدن، {ويؤتوا
الزكاة} وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج {وذلك دين القيمة} أي الملة القائمة العادلة، أو
الأمة المستقيمة المعتدلة.
الاية رقم (6 : 8)
{ إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية .
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية . جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه }
يخبر تعالى عن مآل الفجار من كفرة أهل الكتاب والمشركين، المخالفين لكتب اللّه المنزلة وأنبياء
اللّه المرسلة، أنهم يوم القيامة في نار جهنم {خالدين فيها} أي ماكثين فيها لا يحولون عنها ولا
يزولون، {أولئك هم شر البرية} أي شر الخليقة التي برأها اللّه وذرأها، ثم أخبر تعالى عن حال
الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية، وقد استدل بهذه الآية
أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله: {أولئك هم
خير البرية}، ثم قال تعالى: {جزاؤهم عند ربهم} أي يوم القيامة {جنات عدن تجري من
تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً} أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ {رضي اللّه عنهم ورضوا
عنه} ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم القيم {ورضوا عنه} فيما منحهم من
الفضل العميم، وقوله تعالى: {ذلك لمن خشي ربه} أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي اللّه واتقاه
حق تقواه، وعبده كأنه يراه، عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ألا
أخبركم بخير البرية؟( قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: )رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلما
كانت هيعة استوى عليه، ألا أخبركم بخير البرية؟) قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: (رجل في
ثلة من غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، )ألا أخبركم بخير البرية)؟ قالوا: بلى، قال: (الذي
يسأل باللّه ولا يعطي به) "أخرجه الإمام أحمد".
| |
|